من مقروءاتي
فوائد ومقتطفات من محاضرة الشيخ صالح الفوزان بعنوان:
أثر طاعة ولاة الأمور على الفرد والمجتمع
بعضها اختصرته وبعضها نقلته بطوله لجمال حرفه
بسم الله الرحمن الرحيم
١- الله سبحانه وتعالى يحبُّ لعباده الاجتماع على البرّ والتقوى ويكره لهم التفرّق والاختلاف قال تعالى :{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ}إلى قوله تعالى:
{ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ماجاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم}
٢- التفرق عذاب والاجتماع رحمة والله يريد لعباده الرحمة ولايريد لهم العذاب ولذلك شرع لهم اجتماعات يومية واجتماعاً أسبوعياً واجتماعاً سنوياًعلى عبادته سبحانه من أجل أن يتربوا على الاجتماع والتآلف ويرى بعضهم بعضاً ويلتقي بعضهم ببعض
٣-أوجب الله الاجتماع خمس مرات في اليوم والليلة في الصلوات الخمس لأجل أن يجتمع أهل الحي ولتكون بينهم الألفة والتواصل والتراحم ويتفقد بعضهم ببعض
٤-من ترك صلاة الجماعة متعمداً فقد عصى الله سبحانه وتوعده الله بالوعيد الشديد لذلك قوله ﷺ( من سمع النداء فلم يُجب ، فلا صلاة له إلاّ من عذر قيل : وما العذر ؟ قال: خوف أو مرض) ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه:
" مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَداً مُسْلِماً ، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ المكتوبة حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ ، فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ ﷺ سُنَنَ الْهُدَى ، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى"
وقال: "إن الله شرع لكم سنن الهدى وإن من سنن الهدى الصلاة في الجماعة فلو صليتم في بيوتكم
وتركتم مساجدكم لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض وإنه ليؤتى بالرجل يتهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف " هذا حال أصحاب رسول الله ﷺ مع صلاة الجماعة في المساجد
٥-وشرع الله للناس اجتماعا أكبرا أكبر من ذلك وهو الاجتماع الاسبوعي ليجتمع أهل البلد في مسجد واحد لصلاة الجمعة كما كان على عهد النبي ﷺ ما لم تكن هناك حاجة لتعدد المساجد فإن دعت الضرورة لذلك بسبب البعد فإنها تتعدد بقدر الضرورة أما إن لم يكن هناك ضروره فإن اجتماعهم في مسجد واحد هو المشروع مما يدلنا على أن الله يريد لنا الاجتماع وكذلك شرع لهم اجتماعاً سنوياً في صلاة العيدين يصلون صلاة العيد في صحراء قريبة من البلد إن أمكن ذلك وإن لم يمكن فليصلونها بالجوامع
٦- وكذلك شرع لهم اجتماعاً سنوياً في صلاة العيدين يصلون صلاة العيد في صحراء قريبة من البلد إن أمكن ذلك وإن لم يمكن فليصلونها بالجوامع والأفضل أن يصلوها خارج البلد وأن يبرزوا لله عزوجل في هذه الشعيرة العظيمة فهذا يربط بعضهم ببعض ويألف بعضهم بعضا
ويتفقدون المتخلف منهم وينصحون المتكاسل حتى يلتحم الاجتماع بين المسلمين
٧- وكذلك شرع لهم الاجتماع الأكبر في الحج في عرفة ومنى ومزدلفة كلها دلائل على حب الله لاجتماعنا وأنه يريد لناالاجتماع
٨- الحكمة في كل الاجتماعات الدينية هي تعارف المسلمين والتقاؤهم وتآلفهم فيما بينهم فالإسلام يحرص دائما على الاجتماع بين المسلمين في العبادات وفي أي مناسبة يجتمعون فإن الاجتماع مطلوب الاجتماع المباح أو المستحب أو المشروع أو الواجب هذا اجتماع طيب تحصل به مصالح لأجل أن يتفقد بعضنا بعضا ويُنصح المقصِّر ويُعاد المريض وغيرها
فالاجتماع مطلوب إلا الاجتماع على الشر هذا منهي عنه
٩- ومن الاجتماع المأمور به الاجتماع تحت طاعة ولي أمر المسلمين فإن الاجتماع تحت أمره أمر واجب متأكد فلا يجوز ترك اجتماع الكلمة وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم قال "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً"
١٠- علاج الاختلاف كما في الوصية : هو السمع والطاعة لولي الأمر لا تنظروا إلى شخصه أو نسبه بل انظروا إلى منصبه ومقامه وإن تأمّر عليكم عبد
١١- لايقي من الاختلاف إلا السمع والطاعة لولي الأمر فيما أحببت أو كرهت فالذي يطيع ولي الأمر فيما يحبه ولايطيعه فيما يكره هذا ليس بمسلم قال تعالى :"وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ" أما المسلم فيرضى أن أُعطي أو لم يُعط يرضى بطاعة ولي الأمر لما في ذلك من المصالح العظيمة وهي الواقية من الاختلاف والشقاق وتفرّق الكلمة
١٢- نعيش الآن في وقت فتن وشرور والعدو يريد أن يشتت جمعنا وأن يفرّق بيننا فعلينا أن نحذر ذلك ونلزم جماعة المسلمين وإمام المسلمين فإذا حصل هذا انقطع طمع العدو فينا والعكس إن وجد العدو فينا ميلاً إلى الخلاف والانشقاق فيفرح باختلافنا
١٣- اختلاف المذاهب في المسائل الاجتهادية لايجيز التفرق بل يجتمعون وان اختلفوا في بعض المسائل الفقهية الاجتهادية ولذلك تجدون والحمدلله أهل المذاهب الأربعة السنية كلهم جماعة واحدة
١٤- نجد الآن من بعض طلبة العلم انقسام وشجار وتجريح وغير ذلك بسبب أن فلانا أخذ برأي اجتهادي له مسوّغ مالم يكن مخالفا لكتاب الله والسنة مخالفة صريحة فالأمر واسع ولله الحمد فلايجوز الشقاق من أجل مسائل يتسع لها الرأي ويتسع لها الاجتهاد وأن مصلحة الاجتماع تُغلّب على الميل مع الاجتهاد الآخر فهذا مبدأ عظيم من مبادئ الاسلام فلنتنبه له
١٥- قال ﷺ لمّا ذكر مايكون من بعض الولاة من بعده من بعض المخالفات وبعض الأمور التي تؤخذ عليهم قالوا : أفلا ننابذهم يارسول الله ؟ قال: " لا ، ماأقاموا فيكم الصلاة"
وفي الحديث الآخر : " مالم تروا كفراً بواحاً عندكم عليه من الله برهان"
١٦- الاجتماع مع ولي الأمر مطلوب وواجب ولايجوز التفرق لأن الاختلاف يفرح الأعداء ويفتح الباب على المسلمين ويتطور إلى أن يكون اختلافاً مسلّحاً فدرءاً لهذا نتنازل عن آرائنا إلى رأي ولي الأمر مالم يخرج عن الكتاب والسنة مادام له احتمال ومتسع فإننا ننزل عليه جمعاً للكلمة
١٧-إتمام الصحابة الصلاة خلف عثمان بمنى من باب اجتماع الكلمة وإزالة الشقاق والفرقة ولما سئل ابن مسعود عن ذلك مع أنه يرى القصر
قال: الخلاف شر
١٨- حديث حذيفة: "كان الناس يسألون رسول الله ﷺ عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني.."
يدل على أنه لا يكفي معرفة الخير فقط بل لابد أن يعرف الشر حتى يجتنبه ويتقيه لأنّ من يجهل الشر يقع فيه
١٩- الانسان لايدخل في الفتن ما استطاع أن يتجنبها ويعتزلها بأي حال من الأحوال هذا أسلم له وحاصل ذلك بأحد أمرين:
- إن كان هناك جماعة للمسلمين وإمام للمسلمين فليكن معهم ينجو من الشر والاختلاف
- وإن لم يكن هناك جماعة ولا إمام ولاحول ولاقوة إلا بالله فاجتنب الفتن وأهل الفتن ولو أن تعضّ على أصل شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك
٢٠- ليس باللازم أن يكون ولي الأمر كاملا -من جميع النواحي ليس عنده نقص- حتى يطاع؛ بل يطاع ما دام أنه مسلم
( مالم تروا كفراً بواحاً ) ( ماأقاموا فيكم الصلاة) فتجب طاعتهم والانضمام إليهم لما فيه من الخير الكثير للفردوالمجتمع ومايتوفر فيه من الأمن والاستقرار والمصالح العظيمة
٢١- ولا يلزم أن يكون ولي الأمر ذا ولاية عامة حتى يُطاع كما يثيره بعض الناس الآن فهذا متعذر منذ عهود طويلة منذ سقوط الدولة العباسية ولايقول هذا إلا إنسان ليس فيه إيمان أو انسان ليس عنده علم ولا فقه في دين الله
فإنّ في ذلك شر وفرقة وتعطّل مصالح
حين ننتظر الولاية العامة!
٢٢- تجب طاعة ولي الأمر ليس من أجل مصلحة ولي الأمر كما يتصور بعض الناس بل من أجل مصلحتنا فالمصلحة راجعة إلينا
ولي الأمر ليس عليه إلا التعب والأخطار أعانهم الله ونحن الذين نرتاح في الأمن والاستقرار فالله بعثهم لنا رحمة بنا فعلينا أن نتذكر هذا
٢٣- مذكور في عقيدة أهل السنة والجماعة ومن أصولهم طاعة ولي الأمر المسلم وإن كان عنده تقصير ومخالفات وشي لايصل إلى حد الكفر والخروج من الاسلام
٢٤- يقدم ذو الرأي السديد والسياسة الحكيمة وإن كان ليس على استقامة تامة مالم يصل إلى حد الخروج من الإسلام يقدم على غيره لأن ضعف التقي على المسلمين ورأي العاصي السديد للمسلمين فيُنظر إلى هذا سُئل الإمام أحمد فقيل له :
إنّ فلاناً تقياً مستقيماً في دينه لكنه ضعيف في رأيه وإنّ فلاناً قوي في رأيه ضعيف في دينه أيهما يصلح للولاية ؟ قال: "الذي عنده رأي قوي ولو كان ضعيفاً في بعض الأمور الدينية لأن ضعفه على نفسه وقوة رأيه للمسلمين "
هذا هو الفقه في دين الله
٢٥- لزوم الجماعة يقي من الاختلاف ويوفر الأمن والاستقرار فعلينا أن نفهم المسائل على وجهها وأن لانذهب مع الغَيرة الشديدة بلا فقه في الدين
٢٦- الغَيرة على الدين طيبة لكن لابد أن تكون على فقه وعقيدة صحيحة ماتكون غيرة مطلقة كذا فإن الخوارج عندهم دين وعبادة لكنهم ليسوا على فقه في في دين الله ولذلك حصل منهم ماحصل
٢٧- الخوارج يصلون الليل ويصومون النهار ولكن عندهم شذوذ في الرأي وخالفوا الصحابة والتابعين ؛ بسبب ماعندهم من الشدة والغيرة الشديدة وعدم الفقه
٢٨- الغَيرة مع عدم الفقه هذا ضرر على الإنسان لابد أن يكون عند الإنسان فقه في الدين أولاً وتنزيل الأمور منازلها
٢٩- الغَيرة إذا كانت مُرشّدة في الفقه في دين الله كانت صحيحة ومُنتجة أما إذا كانت على غير فقه وفيها اندفاع فهذه تضر ولا تنفع فعلينا فقه هذا فإننا بحاجة إليه ولايتم هذا إلابدراسة عقيدة أهل السنة والجماعة على أيدي العلماء حتى نكون على بصيرة وتكون غيرتنا مُرشّدة مفيدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق