مسألة التكبير المقيد:
خالف بعض أهل العلم المتأخرين وفقهم الله لكل خير في مسألة التكبير المقيد(أدبار الصلوات) وأنه لا يشرع وذلك لعدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم
فيجاب عن ذلك أن التكبير المقيد مشروع وذلك لأمرين:
الأول : ثبوته عن الصحابة رضي الله عنهم كما ثبت عند ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي أنه قال:كانوا يكبرون يوم عرفة وأحدهم مستقبل القبلة في دبر الصلاة :الله أكبر الله أكبر لاإله إلا الله الله أكبر ولله الحمد .
وثبت عن ابن عباس أنه قال:ليس على الواحد والاثنين تكبير أيام التشريق إنما التكبير على من صلى في جماعة .أخرجه ابن المنذر في الأوسط
وثبت عن ابن عمر: أنه كان إذا صلى وحده في أيام التشريق لم يكبر. أخرجه ابن المنذر في الأوسط
فدلت هذه الآثار على اتفاق الصحابة رضي الله عنهم على مشروعية الذكر المقيد يوم عرفة وأيام التشريق لأن قول الصحابي وفعله إذا اشتهر ولم يخالف فهو حجة كما ذكر ذلك ابن القيم في إعلام الموقعين ولم يخالف في ذلك إلا شرذمة من المتكلمين وبعض الفقهاء
أما إذا لم يشتهر فالذي عليه جمهور العلماء أنه حجة
والتكبير المقيد مما اشتهر فهو حجة لاريب في ذلك
الثاني:الإجماع وهو حجة فقد نقل الإجماع ابن رجب في الفتح 13/9
حيث قال: ﻭﺫﻛﺮ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻷﻳﺎﻡ ﻧﻮﻋﺎﻥ:
ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ: ﻣﻘﻴﺪ ﻋﻘﻴﺐ اﻟﺼﻠﻮاﺕ.
ﻭاﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻣﻄﻠﻖ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻭﻗﺎﺕ.
ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻨﻮﻉ اﻷﻭﻝ:
ﻓﺎﺗﻔﻖ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﺸﺮﻉ اﻟﺘﻜﺒﻴﺮ ﻋﻘﻴﺐ اﻟﺼﻠﻮاﺕ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻷﻳﺎﻡ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻠﺔ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﺮﻓﻮﻉ ﺻﺤﻴﺢ، ﺑﻞ ﺇﻧﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺁﺛﺎﺭ ﻋﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ، ﻭﻋﻤﻞ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ.
ﻭﻫﺬا ﻣﻤﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺃﺟﻤﻌﺖ اﻷﻣﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻢ ﻳﻨﻘﻞ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻧﺺ ﺻﺮﻳﺢ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -، ﺑﻞ ﻳﻜﺘﻔﻰ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ.انتهى كلامه
وقال أيضا:
وقد حكى الإمام أحمد هذا القول إجماعاً من الصحابة، حكاه عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس.اهـ
وقال ايضا :((والاجماع الذي ذكره أحمد ، إنما هو في ابتداء التكبير يوم عرفة من صلاة الصبح أما اخر وقته ، فقد اختلف فيه الصحابة الذين سماهم)) . فتح الباري (6/124)
وقد نقل الإجماع ابن تيمية فقال :ولهذا كان الصحيح من أقوال العلماء أن أهل الأمصار يكبرون من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق... ولأنه إجماع من أكابر الصحابة والله أعلم. مجموع الفتاوى 24 /222
وقال السرخسي ـ رحمه الله ـ في "المبسوط"(2/42):
اتفق المشايخ من الصحابة: عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم أنه يبدأ بالتكبير من صلاته الغداة من يوم عرفة.اهـ
وممن نقل الإجماع النووي رحمه الله تعالى
وقال ابن كثير في تفسيره:
وقد تقدم أن الراجح في ذلك مذهب الشافعي رحمه الله وهو أن وقت الأضحية من يوم النحر إلى آخر يوم التشريق ويتعلق به أيضا الذكر المؤقت خلف الصلوات والمطلق في سائر الأحوال وفي وقته أقوال للعلماء أشهرها الذي عليه العمل أنه من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق
انتهى كلامه
فهذه أدلة صريحة في مشروعية هذا الذكر المقيد
والله الموفق
جمعه الفقير إلى عفو ربه:ممدوح الدحيلان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق