عيدي بدون حبيبتي...
السلام على أمي ورحمة الله وبركاته:
يا أمي من العايدين....
منذ خمس سنوات...
توقف لساني عن هذا النداء العذب
الذي ظللت أردده أربعة عقود تقريباً
توقف لساني عنه
إلا في حُلمٍ سعيد مر كطيف خاطف
لأنعم حاله بجنة حنانك
ثم يسلمني إلى نار فراقك
أمي..
أربعة عقود..
ما خيبتِني قط
في كل مرة أردد يا أمي..
كان صوتك يتدفق حناناً
ليروي عطش
الطفل
فـ الشاب
فـ الكهل
أمي...
أربعة عقود...
وقبلها تسعة أشهر
هي عمر علاقة نبيلة جمعتنا
سهرتِ لأنام
وتعبتِ لأستريح
وبكيتِ لأضحك
أمي...
أربعة عقود...
هي زهرة شبابك
وثمرة حياتك
قدمتها بلا مَن
فقطفتها وإخوتي بلا ثمن
أمي..
أربعة عقود...
كنت تنزلين فيها درجات السلم
لنصعد على نفس الدرجات والسلم
أمي..
أربعة عقود...
ثم خمسة أعوام...
كنت وستبقين الأنثى الوحيدة
التي تمنح حباً غير مشروط
حباً نقياً طاهراً كمطر السماء
يهطل رحمةً وسلاماً
ثم لا ينتظر مقابلاً أو جزاءً
أمي..
أربعة عقود...
عانيتِ
الجوع والعطش
السموم والزمهرير
الغربة والسفر
التعب والمرض
حتى سقط الجسم المكدود
صريع الأيام والليالي
بمعول الأمراض ومطرقة الكِبَر
سقط بدنك الطاهر بعد أن جاهد بشرف
سقط في معركة كنت فيها الجندي المجهول
إلا عند من لا تخفى عليه خافية
أمي...
إن غبتي في العيد عن ناظري
فلم تغيبي عن خاطري
ولقد لمحت فيه برق خيالك
وشممت بقية أنفاسك
في بسمة لبناتك
وقبلة على جبين أخواتك
لا يكدرنا سوى خلو مكانك
وفقد كريم عيدياتك
لا حرمني الله وصل مودتهن
وأبقى لي صافي عطفهن
أمي..
سقى الله قبرك غيث الرحمات
وعظيم العفو والمغفرات
وأعانني وإخواني على برك بعد الممات
وغفر لك ورحمك كما ربيتِنا صغاراً وصغيرات
وأبقى لنا باب الجنة الآخر (والدي) سنوات وسنوات في عافية وتقوى
وجمعناا في فردوسه الأعلى
والقارئين ووالديهم فرداً فرداً...آمين.
والسلام على أمي وأمهاتكم ورحمة الله وبركاته.
وصية نبوية:
قال الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله:
ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه سأله سائل : (هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم: (الصلاة عليهما والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، وإكرام صديقهما ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما), هذا كله من برهما بعد الموت ، والصلاة عليهما معناه الاستغفار والدعاء ، الصلاة عليهما ، يعني الدعاء لهما ، ومن ذلك صلاة الجنازة ، والاستغفار لهما ، طلب المغفرة ، يدعو لهم بالمغفرة ، وإنفاذ عهدهما ، يعني وصاياهما ، إذا أوصيا بشيء لا يخالف الشرع ، من برهما أن ينفذ الوصية الموافقة للشرع ، وإكرام صديقهما ، أصدقاء والديه، يكرمهما ويحسن إليهما ، ويراعي حقوق الصداقة بينهم وبين والديه ، كل هذا من بر والديه ، وإذا كان الصديق فقيراً واساه ، وإن كان غير فقير اتصل به للسلام عليه ، والسؤال عليه استصحاباً للصداقة التي بينهم وبين والديه ، إذا كان ذلك الصديق ليس ممن يستحق الهجر ، كذلك صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ، كالإحسان إلى أخواله وأعمامه وأقاربه من جهة الأب، ومن جهة الأم ، سوى الأعمام والأخوال ، كل هذا من بر والديه)انتهى كلامه رحمه الله.
كتبه
حمد بن عبدالعزيز العتيق
مدير مكتب الدعوة بالعزيزية بالرياض
عيد الفطر من عام ١٤٣٥هـ
من جهاز الـ iPhone الخاص بي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق